هل تنجح روسيا في بناء منظومة رقمية لتنظيم العملات الافتراضية؟
Mar 14, 2025 at 12:48 AM
تسعى السلطات الروسية إلى إنشاء نظام تنظيمي متكامل يتيح التحكم والرقابة على سوق العملات الرقمية، حيث تعمل وزارة المالية بالتعاون مع البنك المركزي على وضع أسس واضحة لتحقيق هذا الهدف. يأتي ذلك في ظل تحديات داخلية وخلافات حول كيفية التعامل مع هذه الأصول الجديدة التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي.
التحول الرقمي: فرصة أم تحدٍ للاقتصاد الروسي؟
إطار جديد للرقابة على العملات الرقمية
أعلنت وزارة المالية الروسية خططها لتطوير إطار تنظيمي يسمح بتنظيم عمليات تداول العملات الرقمية بشكل محكم. يهدف هذا النظام إلى ضمان الشفافية وحماية المستثمرين المؤهلين الذين يرغبون في الدخول إلى هذا السوق الناشئ. أكد المسؤولون أن الإطار الجديد سيشمل إجراءات صارمة تضمن عدم استغلال الأسواق لهذه العملات لأغراض غير قانونية. من جهة أخرى، يركز النظام على تعزيز التعاون بين الجهات الحكومية المختلفة مثل البنك المركزي ووزارة المالية. يتمثل الهدف الرئيسي في تقديم حلول عملية تجمع بين الأمن الاقتصادي وحرية الاستثمار. بالإضافة إلى ذلك، تم تصميم الإطار ليكون مرناً بما يكفي لمواكبة التطورات السريعة في مجال العملات الرقمية. اختبار النظام خلال ثلاث سنوات
سيتم تطبيق التجربة الجديدة لمدة ثلاثة أعوام بهدف تقييم مدى فعالية الإجراءات المتخذة. خلال هذه الفترة، ستراقب الجهات المعنية عن كثب جميع العمليات المتعلقة بالعملات الرقمية لضمان تحقيق الأهداف المرجوة. يُعتقد أن هذه المرحلة التجريبية ستسهم في تحسين السياسات الحالية وإدخال تعديلات إذا لزم الأمر. ومع ذلك، فإن هناك تحديات كبيرة أمام نجاح هذا المشروع، خاصة فيما يتعلق بتحقيق التوازن بين تشجيع الابتكار والحفاظ على الاستقرار المالي. كما أن بعض الخبراء يرون أن فترة الثلاث سنوات قد تكون طويلة بالنسبة لبعض المستثمرين الذين يتطلعون إلى دخول السوق بشكل أسرع. شروط صارمة للمستثمرين
حددت السلطات شروطاً صارمة للمستثمرين الذين يرغبون في المشاركة في السوق الرقمية. يجب أن يكون لديهم ما لا يقل عن 100 مليون روبل مستثمرة في الأصول المالية أو أن يكونوا قد حققوا دخلاً سنوياً يصل إلى 50 مليون روبل. هذه الشروط تهدف إلى تقليل المخاطر المرتبطة بهذه الاستثمارات وتوجيهها نحو الأفراد المؤهلين فقط. علاوة على ذلك، يمكن للمؤسسات المالية الكبيرة التي تلتزم بالمعايير القانونية الانضمام أيضاً إلى هذا السوق. ومع ذلك، فإن البنك المركزي يضع إرشادات دقيقة لتقييم المؤسسات قبل السماح لها بالمشاركة، مما يعزز من مستوى الأمان المطلوب. احتياطي وطني للعملات الرقمية
هناك اقتراح طرحه المسؤولون لإنشاء احتياطي وطني يخصص للعملات الرقمية. لكن هذا المشروع يعتمد على توفر السيولة الكافية لدى صندوق الرفاه الوطني بحيث تصل نسبة الاحتياطي إلى 7-10% من الناتج المحلي الإجمالي. يعتبر هذا الشرط ضرورياً لضمان عدم تعرض الاقتصاد الوطني لمخاطر غير محسوبة نتيجة الاستثمار في هذه الأصول المتقلبة. رغم ذلك، فإن هناك تساؤلات حول مدى قابلية هذا المشروع للتنفيذ في ظل التحديات الاقتصادية العالمية الحالية. كما أن هناك حاجة إلى دراسة شاملة لتحديد الفوائد المحتملة مقابل المخاطر المرتبطة بهذا النوع من الاستثمارات. خلافات بشأن المستقبل الرقمي
تبقى الخلافات قائمة بين مختلف الجهات المعنية بشأن مستقبل العملات الرقمية في روسيا. بينما تدعم وزارة المالية فكرة التنظيم الكامل، فإن محافظ البنك المركزي إلفيرا نابيولينا تبدي تحفظاتها بسبب المخاوف المتعلقة بالاستقرار المالي. كانت قد سعت سابقاً إلى حظر استخدام هذه العملات تماماً على غرار ما فعلته الصين. هذه الاختلافات قد تؤثر بشكل كبير على سير المشاريع المتعلقة بالعملات الرقمية، بما في ذلك تأجيل إطلاق الروبل الرقمي الذي كان مقرراً في يوليو 2025. وبالتالي، يبدو أن الوصول إلى توافق بين جميع الأطراف سيكون عاملاً حاسماً في تحديد مسار هذه الصناعة في البلاد.