في الأسابيع القليلة الماضية، لاحظ الخبراء العسكريون تحولًا ملحوظًا في استراتيجية الجيش الروسي. بدلاً من التركيز على الهجوم المباشر على مدينة بوكروفسك، قررت القوات الروسية اتباع نهج مختلف يتمثل في الالتفاف حول المدينة من الجهة الجنوبية. هذا النهج الجديد يهدف إلى تحقيق عدة أهداف استراتيجية، منها تقييد حركة القوات الأوكرانية وإضعاف قدرتها على الدفاع عن المدينة.
تشكل هذه الخطوة خطراً حقيقياً على الطريق الرئيسي الذي يربط بين بوكروفسك ومدينة دنيبرو، وهو طريق حيوي للنقل والتجارة. كما أن هذا التقدم يقرب القوات الروسية من الوصول إلى حدود منطقة دنيبروبتروفسك الإدارية الأوكرانية، وهي منطقة ظلت بعيدة عن المعارك البرية منذ بداية الحرب في فبراير 2022. هذا التطور يمكن أن يكون له تأثير كبير على موازين القوى في المنطقة ويشكل تحدياً جديداً أمام الحكومة الأوكرانية.
وفقًا للتقارير الصادرة عن مدونة "ديب ستيت"، فإن المواقع التي تكتسب أهمية كبيرة هي "داتشينسكي" و"نوفي ترود" و"فوفكوف"، وهي مواقع تقع على بعد كيلومترات قليلة جنوب بوكروفسك. هذه المواقع تعتبر ذات أهمية استراتيجية لأنها تقع على محاور رئيسية تؤثر على حركة القوات وتوزيع الموارد العسكرية. وقد أكدت مصادر روسية أن القوات الروسية اقتربت كثيراً من هذه المواقع، مما يجعلها هدفاً محتملاً للسيطرة في المستقبل القريب.
رسمت مدونة "لايفيوماب" سيناريو مشابه يشير إلى أن القوات الروسية تواصل عملية محاصرة بوكروفسك من خلال استهداف المواقع المحيطة بها. بينما قال تقرير الوضع الرسمي الصادر عن هيئة الأركان العامة بعد ظهر الجمعة إن "نوفي ترود" لا تزال موضع نزاع، مما يدل على أن الصراع في هذه المنطقة ما زال مستمراً وأن السيطرة عليها لم تتحدد بعد بشكل نهائي.
تقترب موسكو من تحقيق هدفها المتمثل في السيطرة الفعلية على منطقتي لوغانسك ودونيتسك، اللتين أعلنت ضمهما إليها من قبل. تشكل المنطقتان إقليم دونباس، وهو إقليم غني بالثروات الطبيعية، خصوصا الفحم. هذه الثروات تعتبر مهمة للغاية ليس فقط من الناحية الاقتصادية ولكن أيضاً من الناحية الاستراتيجية، حيث تساهم في تعزيز القدرات الصناعية والعسكرية للجانب المتحكم في المنطقة.
من الناحية السياسية، يمكن أن يكون لهذا التقدم تأثير كبير على مجريات الأمور في أوكرانيا والمنطقة بأكملها. قد يؤدي ذلك إلى تعزيز موقف روسيا التفاوضي وزيادة الضغط على الحكومة الأوكرانية لقبول شروط موسكو. كما يمكن أن يعيد تشكيل الخريطة الجيوسياسية للمنطقة ويؤثر على العلاقات الدولية ومستقبل السلام والاستقرار في أوروبا الشرقية.